في أعماق الفضاء الشاسع، هناك أجسام غامضة ومخيفة يُقال إنها "تبتلع كل شيء يقترب منها" — حتى الضوء لا يهرب منها! هذه الأجسام تُعرف باسم الثقوب السوداء. فما هي؟ وهل حقًا تبتلع كل شيء؟
الثقب الأسود هو منطقة في الفضاء ذات جاذبية خارقة، لدرجة أن لا شيء يمكنه الهروب منها، حتى الضوء. هذا ما يجعلها "سوداء" تمامًا — لأننا لا نستطيع رؤيتها بشكل مباشر.
لكن كيف يتكوّن هذا الوحش الكوني؟
تتشكل الثقوب السوداء عادةً عندما تموت نجوم ضخمة جدًا. فعندما ينفد وقود النجم، ينهار على نفسه تحت تأثير جاذبيته، ويضغط مادته إلى نقطة صغيرة جداً تُعرف باسم المتفردة (Singularity)، وهي النقطة التي تصبح فيها الكثافة والجاذبية لا نهائية.
حول هذه المتفردة توجد "أفق الحدث" — وهي المنطقة التي إذا دخلها شيء، لا يمكنه الخروج أبدًا. أشبه بباب اتجاه واحد إلى المجهول!
ليس تمامًا. الثقب الأسود لا يجول في الفضاء يلتهم الكواكب والنجوم بشكل عشوائي، بل يؤثر على ما يكون قريبًا منه فقط. إذا كنت بعيدًا بما فيه الكفاية، فإنك بأمان تام.
مثلاً، لو استُبدلت الشمس فجأة بثقب أسود له نفس كتلتها (افتراضيًا)، فإن الأرض ستستمر بالدوران حوله كما تفعل الآن — لكننا لن نحصل على الضوء أو الحرارة، وهذا هو الفرق.
رغم أننا لا نستطيع رؤيتها مباشرة، لكن العلماء يستطيعون رصد تأثيرها على الأجسام المحيطة بها — مثل حركة النجوم القريبة، أو الأشعة السينية الناتجة عن سقوط المادة داخل الثقب.
في عام 2019، تمكن العلماء لأول مرة من التقاط صورة لـ"ظل" ثقب أسود باستخدام شبكة تلسكوبات حول العالم، وهو إنجاز علمي مذهل!
الخيال العلمي يحب أن يصوّر الثقوب السوداء كـ"بوابات زمنية"، لكن في الواقع، الدخول في ثقب أسود يعني نهاية كل شيء. المادة تتمدد وتنضغط بشكل مرعب فيما يُعرف بـ"spaghettification" — كأن الجسم يتمدد كالمعكرونة بفعل الجاذبية الهائلة.
الثقوب السوداء هي من أكثر الظواهر الكونية إثارة للدهشة والخوف. رغم أننا لا نفهم كل شيء عنها بعد، إلا أنها تفتح لنا أبوابًا لفهم أعمق لأسرار الكون، وربما مستقبل السفر بين النجوم.
2025-05-26 17:53pm